ويبقى الكلام فى تساوي القعودين بشيء آخر
وهكذا حال المقتتلين من المسلمين فى الفتن الواقعة بينهم فلا تكون عاقبتهما إلا عاقبة سوء الغالب و المغلوب فإنه لم يحصل له دنيا و لا آخرة كما قال الشعبى أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقيا و لا فجرة أشقياء و أما الغالب فانه يحصل له حظ عاجل ثم ينتقم منه في الآخرة و قد يعجل الله له الانتقام فى الدنيا كما جرى لعامة الغالبين فى الفتن فانهم اصيبوا في الدنيا كالغالبين فى الحرة و فتنة أبي مسلم الخراسانى و نحو ذلك
وأما من قال إنه لا يؤاخذ بالعزم القلبى فاحتجوا بقوله صلى الله عليه و سلم ( ان الله تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها ( و هذا ليس فيه أنه عاف لهم عن العزم بل فيه أنه عفى عن حديث النفس الى أن يتكلم أو يعمل فدل على أنه مالم يتكلم أو يعمل لا يؤاخذ و لكن ظن من ظن أن ذلك عزما و ليس كذلك بل مالم يتكلم أو يعمل لا يكون عزما فان العزم لابد أن يقترن به المقدور و إن لم يصل العازم الى المقصود فالذى يعزم على القتل أو الزنا أو نحوه عزما جازما لابد أن يتحرك و لو برأسه أو يمش أو يأخذ آلة أو يتكلم كلمة أو يقول أو يفعل شيئا فهذا كله ما يؤاخذ به كزنا العين و اللسان و الرجل فان هذا يؤاخذ به و هو من مقدمات الزنا التام