وهذا العلم و العمل أمر فطري ضروري فإن النفوس تعلم فقرها الى خالقها و تذل لمن افتقرت إليه و غناه من الصمدية التى انفرد بها فإنه ( يسأله من فى السموات والأرض ) و هو شهود الربوبية بالاستعانة و التوكل و الدعاء و السؤال ثم هذا لا يكفيها حتى تعلم ما يصلحها من العلم و العمل و ذلك هو عبادته والإنابة إليه فإن العبد إنما خلق لعبادة ربه فصلاحه و كماله و لذته و فرحه و سروره فى أن يعبد ربه و ينيب إليه و ذلك قدر زائد على مسألته والافتقار إليه فإن جميع الكائنات حادثة بمشيئته قائمة بقدرته و كلمته محتاجة إليه فقيرة إليه مسلمة له طوعا و كرها فإذا شهد العبد ذلك و أسلم له و خضع فقد آمن بربوبيته أى حاجته و فقره إليه صار سائلا له متوكلا عليه مستعينا به إما بحاله أو بقاله بخلاف المستكبر عنه المعرض عن مسألته
ثم هذا المستعين به السائل له إما أن يسأل ماهو مأمور به أو ما هو منهى عنه أو ما هو مباح له ف ( الأول ( حال المؤمنين السعداء الذين حالهم ^ إياك نعبد و إياك نستعين ^ و ( الثاني ( حال الكفار و الفساق و العصاة الذين فيهم إيمان به و إن كانوا كفارا كما قال ^ و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون ^ فهم مؤمنون بربوبيته مشركون فى عبادته كما قال النبى صلى الله عليه و سلم لحصين الخزاعى

__________


الصفحة التالية
Icon