( ان الذين آمنوا و الذين هادوا و الصابئين و النصارى و المجوس و الذين اشركوا )
فإن قيل فقد و صفهم بالشرك بقوله ( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله و المسيح بن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) قيل أهل الكتاب ليس فى أصل دينهم شرك فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد فكل من آمن بالرسل و الكتب لم يكن فى أصل دينهم شرك و لكن النصارى ابتدعوا الشرك كما قال ( سبحانه و تعالى عما يشركون ) فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به و حيث ميزهم عن المشركين فلأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التى جاءت بالتوحيد لا بالشرك
فإذا قيل أهل الكتاب لم يكونوا من هذه الجهة مشركين فإن الكتاب الذي أضيفوا اليه لاشرك فيه كما إذا قيل المسلمون و أمة محمد لم يكن فيهم من هذه الجهة لا اتحاد و لا رفض و لا تكذيب بالقدر و لاغير ذلك من البدع و ان كان بعض الداخلين فى الأمة قد ابتدع هذه البدع لكن أمة محمد صلى الله عليه و سلم لا تجتمع على ضلالة فلا يزال فيها من هو متبع لشريعة التوحيد بخلاف أهل الكتاب و لم يخبر الله عز وجل عن أهل الكتاب أنهم مشركون بالاسم بل قال ( عما يشركون ) بالفعل و آية البقرة قال فيها