يسقط عن ذلك العقوبة التى وجبت لحق الله لكن يكمل لهذا الآمر الناهي مقام الصبر والعفو الذي شرع الله لمثله حتى يدخل في قوله تعالى ! ٢ < وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور > ٢ ! وفى قوله ! ٢ < فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره > ٢ !
ثم هنا فرق لطيف أما الصبر فإنه مأمور به مطلقا فلا ينسخ وأما العفو والصفح فانه جعل إلى غاية وهو ^ أن يأتى الله بأمره ^ فلما أتى بأمره بتمكين الرسول ونصره صار قادر على الجهاد لأولئك والزامهم بالمعروف ومنعهم عن المنكر صار يجب عليه العمل باليد فى ذلك ما كان عاجزا عنه وهو مأمور بالصبر فى ذلك كما كان مأمور بالصبر أولا
والجهاد مقصوده أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين كله لله فمقصوده إقامة دين الله لا إستيفاء الرجل حظه ولهذا كان ما يصاب به المجاهد فى نفسه وماله أجره فيه على الله فإن الله إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة حتى إن الكفار إذا أسلموا أو عاهدوا لم يضمنوا ما اتلفوه للمسلمين من الدماء والأموال بل لو أسلموا وبأيديهم ما غنموه من أموال المسلمين كان ملكا لهم عند جمهور العلماء كما كمالك وأبى حنيفة وأحمد وهو الذي مضت به سنة رسول الله وسنة خلفائه الراشدين

__________


الصفحة التالية
Icon