وسبب ذلك أن قوى الأفعال فى النفس إما جذب وإما دفع فالقوة الجاذبة الجالبة للملائم هى الشهوة وجنسها من المحبة والإرادة ونحو ذلك والقوة الدافعة المانعة للمنافى هى الغضب وجنسها من البغض والكراهة وهذه القوة بإعتبار القدر المشترك بين الإنسان والبهائم هى مطلق الشهوة والغضب بإعتبار ما يختص به الإنسان العقل والإيمان والقوى الروحانية المعترضة
فالكفر متعلق بالقوة العقلية الإيمانية ولهذا لا يوصف به من لا تمييز له والقتل ناشىء عن القوة الغضبية وعدوان فيها والزنا عن القوة الشهوانية فالكفر إعتداء وفساد فى القوة العقلية الإنسانية وقتل النفس إعتداء وفساد فى القوة الغضبية والزنا إعتداء وفساد فى القوة الشهوانية
ومن وجه آخر ظاهر أن الخلق خلقهم الله لعبادته وقوام الشخص بجسده وقوام النوع بالنكاح والنسل فالكفر فساد المقصود الذى خلقوا وقتل النفس فساد النفوس الموجودة والزنا فساد فى المنتظر من النوع فذاك إفساد الموجود وذاك إفساد لما لم يوجد بمنزلة من أفسد مالا موجودا أو منع المنعقد أن يوجد وإعدام الموجود أعظم فسادا فلهذا كان الترتيب كذلك ومن

__________


الصفحة التالية
Icon