( ولما كان فرعون في منصب التحكم والخليفة بالسيف جاز في العرف الناموسي أن قال ( أنا ربكم الأعلى ) أي وإن كان أن الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته من الحكم فيكم ولما علمت السحرة صدقه فيما قال لم ينكروه بل أقروا له بذلك وقالوا له ( اقض ما انت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) فالدولة لك فصح قول فرعون ( أنا ربكم الأعلى )
فبهذا وأمثاله يصححون قول فرعون ( أنا ربكم الأعلى ) وينكرون أن يكون الله عاليا فضلا على أن يكون هو الأعلى ويقولون على من يكون اعلى أو عما ذا يكون اعلى
وهكذا سائر الجهمية يصفون بالعلو على وجه المدح ما هو عال من المخلوقات كالسماء والجنة والكواكب ونحو ذلك ويعملون أن العالي أفضل من السافل وهم لا يصفون ربهم بأنه الأعلى ولا العلي بل يجعلونه في السافلات كما هو في العاليات
والجهمية الذين يقولون ( ليس هو داخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه ألبته هم أقرب إلى التعطيل والعدم كما أن أولئك أقرب إلى الحلول والاتحاد بالمخلوقات فهؤلاء يثبتون موجودا لكنه في الحقيقة المخلوق لا الخالق وأولئك ينفون فلا يثبتون وجودا ألبته لكنهم

__________


الصفحة التالية
Icon