و قد ذكرنا فى غير موضع أن هذه كما ترد على الوعيدية من الخوارج و المعتزلة فهي ترد أيضا على المرجئة الواقفية الذين يقولون يجوز أن يعذب كل فاسق فلا يغفر لأحد و يجوز أن يغفر للجميع فإنه قد قال ( و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ( فأثبت أن ما دون ذلك هو مغفور لكن لمن يشاء فلو كان لا يغفره لأحد بطل قوله ( و يغفر ما دون ذلك ( و لو كان يغفره لكل أحد بطل قوله ( لمن يشاء ( فلما أثبت أنه يغفر ما دون ذلك و أن المغفرة هى لمن يشاء دل ذلك على و قوع المغفرة العامة مما دون الشرك لكنها لبعض الناس
و حينئذ فمن غفر له لم يعذب و من لم يغفر له عذب و هذا مذهب الصحابة و السلف و الأئمة و هو القطع بأن بعض عصاة الأمة يدخل النار و بعضهم يغفر له لكن هل ذلك على وجه الموازنة و الحكمة أو لا إعتبار بالموازنة فيه قولان للمنتسبين إلى السنة من أصحابنا و غيرهم بناء على أصل الأفعال الإلهية هل يعتبر فيها الحكمة و العدل و أيضا فمسألة الجزاء فيها نصوص كثيرة دلت على الموازنة كما قد بسط فى غير هذا الموضع
و المقصود هنا أن قوله ( يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ( فيه نهي عن القنوط من رحمة الله تعالى و إن عظمت الذنوب و كثرت فلا يحل لأحد أن يقنط من