و فيه أيضا في الصحيحين حديث إبن عباس أنه كان إذا قام من الليل يصلى ينظر إلى السماء و يقرأ الآيات العشر من أواخر سورة آل عمران فيجمع بين الذكر و النظر و الفكر فالنظر أي نظر القلب و نظر العين و الذكر أيضا لابد مع ذكر اللسان من ذكر القلب و لما كان النظر مبدأ و الذكر منتهى لأن النظر يتقدم الإدراك و العلم و الذكر يتأخر عن الإدراك و العلم و لهذا كان المتكلمة فى النظر المقتضي للعلم و كان المتصوفة في الذكر المقرر للعلم قدم آلة النظر على آلة الذكر و ختم بهداية الملك الجامع الذي هو الناظر الذاكر
و ذكر سبحانه اللسان و الشفتين لأنهما العضوان الناطقان فأما الهواء و الحلق و النطع و اللهوات و الأسنان فمتصلة حركة بعضها مرتبطة بحركة البعض بمنزلة غيرها من أجزاء الحنك فأما اللسان و الشفتان فمنفصلة ثم الشفتان لما كانا النهاية حملا الحروف الجوامع الباء و الفاء و الميم و الواو
فأما الباء و الفاء فهما الحرفان السببيان فإن الباء أبدا تفيد الالصاق و السبب و كذلك الفاء تفيد التعقيب و السبب و بالأسباب تجتمع الأمور بعضها ببعض