( خالق أفعال العباد ( لم يكن في ذلك تمييز بين الخير و الشر و المحبوب و المكروه و المأمور به و المنهي عنه بل كان فيه حجة للمشركين من المباحية و الجبرية الذين يدفعون الأمر و النهي و الحسن و القبح فإنه خلق أفعال العباد فلما قال ( فألهمها فجورها و تقواها ( كان الكلام تفريقا بين الحسن المأمور به و القبيح المنهي عنه و أن الأفعال منقسمة إلى حسن و سيء مع كونه تعالى خالق الصنفين
وهذه طريقة القرآن فى غير موضع يذكر المؤمن و الكافر و أفعالهما الحسنة و السيئة [ و ] و عده و وعيده و يذكر أنه خالق الصنفين كقوله ( يضل من يشاء و يهدي من يشاء ( و نحو ذلك
و هذا الأصل ضلت فيه الجبرية و القدرية فإن القدرية المجوسية قالوا إن الأفعال تنقسم إلى حسن و قبيح لصفات قائمة بها و العبد هو المحدث لها بدون قدرة الله و بدون خلقه
فقالت الجبرية بل العبد مجبور على فعله و الجبر حق يوجب و جود أفعاله عند و جود الأسباب التى يخلقها الله و إمتناع و جودها عند عدم شيء من الأسباب و إذا كان مجبورا يمتنع أن يكون الفعل حسنا أو قبيحا لمعنى يقوم به