وزعموا أن أحدا لا يعلم حدوث غيره من الأعيان بالمشاهدة و لا بضرورة العقل و إنما يعلم ذلك إذا إستدل كما استدلوا فقالوا هذه أعراض حادثة في جواهر وتلك الجواهر لم تخل من الأعراض لامتناع خلو الجواهر من الأعراض
ثم قالوا و ما لم يخل من الحوادث فهو حادث
و هذا بنوه على أن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة التى لا تقبل القسمة و قالوا إن الأجسام لا يستحيل بعضها إلى بعض
و جمهور العقلاء من السلف و أنواع العلماء و أكثر النظار يخالفون هؤلاء فيما يثبتون من الجوهر الفرد و يثبتون إستحالة الأجسام بعضها إلى بعض و يقولون بأن الرب لا يزال يحدث الأعيان كما دل على ذلك القرآن
و لهذا كانت هذه الطريق باطلة عقلا و شرعا و هي مكابرة للعقل فإن كون الإنسان مخلوقا محدثا كائنا بعد أن لم يكن أمر معلوم بالضرورة لجميع الناس و كل أحد يعلم أنه حدث فى بطن أمه بعد أن لم يكن و أن عينه حدثت كما قال تعالى ( و قد خلقتك من قبل و لم تك شيئا ( و قال تعالى ( أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل و لم يك شيئا (