وقد ظن بعض الناس أن سؤال فرعون ( و ما رب العالمين ( هو سؤال عن ماهية الرب كالذي يسأل عن حدود الأشياء فيقول ( ما الإنسان ما الملك ما الجنى ( و نحو ذلك قالوا و لما لم يكن للمسئول عنه ماهية عدل موسى عن الجواب إلى بيان ما يعرف به و هو قوله ( رب السموات و الأرض ( و هذا قول قاله بعض المتأخرين و هو باطل
فإن فرعون إنما استفهم إستفهام إنكار و جحد لم يسأل عن ماهية رب أقر بثبوته بل كان منكرا له جاحدا و لهذا قال في تمام الكلام ( لئن إتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ( و قال ( و إني لأظنه كاذبا ( فإستفهامه كان إنكارا و جحدا يقول ليس للعالمين رب يرسلك فمن هو هذا إنكارا له
فبين موسى أنه معروف عنده و عند الحاضرين و أن آياته ظاهرة بينة لا يمكن معها جحده و أنكم إنما تجحدون بألسنتكم ما تعرفونه بقلوبكم كما قال موسى فى موضع آخر لفرعون ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات و الأرض بصائر ( و قال الله تعالى ( و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما و علوا فأنظر كيف كان عاقبة المفسدين (