كان ناسيا لها سواء ذكر الله أو نسيه لم يكن نسيانها مسبببا عن نسيان الرب فلما دلت الآية على أن نسيان الإنسان نفسه مسبب عن نسيانه لربه دل على أن الذاكر لربه لا يحصل له هذا النسيان لنفسه
و الذكر يتضمن ذكر ما قد علمه فمن ذكر ما يعلمه من ربه ذكر ما يعلمه من نفسه و هو قد ولد على الفطرة التى تقتضي أنه يعرف ربه و يحبه و يوحده فإذا لم ينس ربه الذي عرفه بل ذكره على الوجه الذي يقتضي محبته و معرفته و توحيده ذكر نفسه فأبصر ما كان فيها قبل من معرفة الله و محبته و توحيده
و أهل البدع الجهمية و نحوهم لما أعرضوا عن ذكر الله الذكر المشروع الذي كان فى الفطرة و جاءت به الشرعة الذي يتضمن معرفته و محبته و توحيده نسوا الله من هذا الوجه فأنساهم أنفسهم من هذا الوجه فنسوا ما كان في أنفسهم من العلم الفطري و المحبة الفطرية و التوحيد الفطري
و قد قال طائفة من المفسرين ( نسوا الله ( أي تركوا أمر الله ( فأنساهم أنفسهم ( أي حظوظ أنفسهم حيث لم يقدموا لها خيرا هذا لفظ طائفة منهم البغوي و لفظ آخرين منهم ابن الجوزي حين لم يعملوا بطاعته و كلاهما قال ( نسوا الله ( أي تركوا أمر الله

__________


الصفحة التالية
Icon