الجنة من له فيها مثل الدنيا عشر مرات فما الظن بما لرسول الله صلى الله عليه و سلم مما أعده الله له فيها فالكوثر علامة و أمارة على تعدد ما أعده الله له من الخيرات و اتصالها و زيادتها و سمو المنزلة و ارتفاعها و إن ذلك النهر و هو الكوثر أعظم أنهار الجنة و أطيبها ماء و أعذبها و أحلاها و أعلاها
و ذلك أنه أتى فيه بلام التعريف الدالة على كمال المسمى و تمامه كقوله زيد العالم زيد الشجاع أي لا أعلم منه و لا أشجع منه وكذلك قوله ( إنا أعطيناك الكوثر ( دل على أنه أعطاه الخير كله كاملا موفرا و إن نال منه بعض أمته شيئا كان ذلك الذي ناله ببركة إتباعه و الإقتداء به مع أن له صلى الله عليه و سلم مثل أجره من غير أن ينقص من أجر المتبع له شيء ففيه الإشارة إلى أن الله تعالى يعطيه في الجنة بقدر أجور أمته كلهم من غير أن ينتقص من أجورهم فإنه هو السبب فى هدايتهم و نجاتهم فينبغي بل يجب على العبد إتباعه و الإقتداء به و أن يمتثل ما أمره به و يكثر من العمل الصالح صوما و صلاة و صدقة و طهارة ليكون له مثل أجره فإنه إذا فعل المحظورات فات الرسول مثل أجر ما فرط فيه من الخير فإن فعل المحظور مع ترك المأمور قوي وزره و صعبت نجاته لإرتكابه المحظور و تركه المأمور و إن فعل المأمور و ارتكب المحظور دخل فيمن يشفع