فالقائلون بأن الأجسام مركبة من الجواهر يقولون أن الله لا يحدث شيئا قائما بنفسه و إنما يحدث الأعراض التى هي الإجتماع و الإفتراق و الحركة و السكون و غير ذلك من الأعراض ثم من قال منهم بأن الجواهر محدثة قال إن الله أحدثها إبتداء ثم جميع ما يحدثه إنما هو إحداث أعراض فيها لا يحدث الله بعد ذلك جواهر و هذا قول أكثر المعتزلة و الجهمة و الأشعرية و نحوهم و من أكابر هؤلاء من يظن أن هذا مذهب المسلمين و يذكر إجماع المسلمين عليه و هو قول لم يقل به أحد من سلف الأمة و لاجمهور الأمة بل جمهور الأمة حتى من طوائف أهل الكلام ينكرون الجوهر الفرد و تركب الأجسام من الجواهر و إبن كلاب إمام أتباعه هو ممن ينكر الجوهر الفرد و قد ذكر ذلك أبو بكر بن فورك فى مصنفه الذي صنفه فى مقالات إبن كلاب و ما بينه و بين الأشعري من الخلاف و هكذا نفي الجوهر الفرد قول الهشامية و الضرارية و كثير من الكرامية و النجارية أيضا
و هؤلاء القائلون بأن الأجسام مركبة من الجواهر المفردة المشهور عنهم بأن الجواهر متماثلة بل و يقولون أو أكثرهم أن الأجسام متماثلة لأنها مركبة من الجواهر المتماثلة و إنما إختلفت بإختلاف الأعراض و تلك صفات عارضة لها ليست لازمة فلا تنفي التماثل فإن حد المثلين أن يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر و يجب له ما يجب له و يمتنع عليه ما يمتنع عليه و هم يقولون إن الجواهر متماثلة فيجوز