والمقصود هنا أن أئمة السنة كأحمد بن حنبل و غيره كانوا اذا ذكرت لهم أهل البدع الألفاظ المجملة كلفظ الجسم و الجوهر و الحيز و نحوها لم يوافقوهم لا على اطلاق الاثبات و لا على اطلاق النفي و أهل البدع بالعكس ابتدعوا ألفاظا و معانى إما في النفي و اما فى الاثبات و جعلوها هي الأصل المعقول المحكم الذي يجب اعتقاده و البناء عليه ثم نظروا فى الكتاب و السنة فما أمكنهم أن يتأولوه على قولهم تأولوه و إلا قالوا هذا من الألفاظ المتشابهة المشكلة التى لا ندري ما أريد بها فجعلوا بدعهم أصلا محكما و ما جاء به الرسول فرعا له و مشكلا اذا لم يوافقه و هذا أصل الجهمية و القدرية و أمثالهم و أصل الملاحدة من الفلاسفة الباطنية جميع كتبهم توجد على هذا الطريق و معرفة الفرق بين هذا و هذا من أعظم ما يعلم به الفرق بين الصراط المستقيم الذي بعث الله به رسوله و بين السبل المخالفة له و كذلك الحكم في المسائل العلمية الفقهية و مسائل أعمال القلوب و حقائقها و غير ذلك كل هذه الأمور قد دخل فيها ألفاظ و معان محدثة و ألفاظ و معان مشتركة
فالواجب أن يجعل ما أنزله الله من الكتاب و الحكمة أصلا في جميع هذه الأمور ثم يرد ما تكلم فيه الناس الى ذلك و يبين ما فى الألفاظ المجملة من المعانى الموافقة للكتاب و السنة فتقبل و ما فيها من المعانى