لأَن المعْنى: اجمعا بين الإِقامة فيها (والأَكل من ثمارها)، ولو كان الفاء مكان الواو لوجب تأْخير الأَكل إِلى الفراغ من الإِقامة، لأَن الفاء للتَّعقيب والترتيب، والذى فى الأَعراف من السُّكنى التى معناها اتخاذ الموضع مسكنا؛ لأَنَّ الله تعالى أَخرج إِبليس من الجنة بقوله: ﴿اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً﴾. وخاطب آدم فقال ﴿وَيَآءَادَمُ اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة﴾ أَى اتَّخذاها لأَنفسكما مسكناً، وكُلاَ من حيث شئتما، وكان الفاء أَولى، لأَن اتّخاذ المسكن لا يستدِعى زمانا ممتدّا، ولا يمكن الجمع بين الاتخاذ والأكل فيه، بل يقع الأَكلُ عقِيبه. وزاد فى البقرة ﴿رَغَدَا﴾ لما زاد فى الخبر تعظيما: (وقلنا) بخلاف سورة الأَعراف، فإِن فيها (قال). وذهب الخطيب إِلى أَن ما فى الأَعراف خطاب لهما قبل الدّخول، وما فى البقرة بعده.
قوله ﴿اهْبِطُوْا﴾ كرّر الأَمر بالهبوط لأَن الأَول ﴿مِنَ الْجَنَّةِ﴾ والثانى من السماءِ.
قوله ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ﴾ ؛ وفى طه ﴿فَمَنِ اتبع﴾ ؛ وتبع واتَّبع بمعنى، وإِنما اختار فى طه (اتَّبع) موافقة لقوله ﴿يَتَّبِعُونَ الدَّاعِى﴾.