واللام، ولا يثنَّى ولا يجمع. وخُصَّ الثَّانى بـ (ما) لأَنَّ المعنى: من بعد ما جاءَك من الْعلم بأَن قِبلة الله هى الكعبة، وذلك قليل من كثير من الْعلم. وزيدت معه (من) الَّتى لابتداءِ الْغاية؛ لأَن تقديره: من الوقت الذى جاءَك فيه الْعلم بالْقبلة؛ لأَن الْقبلة الأُولى نُسِخت بهذه الآية، وليس الأَوّل موقَّتاً بوقت. وقال فى سورة الرّعد: ﴿بَعْدَ مَا جَاءَكَ﴾ فعَبَّر بلفظ (ما) ولم يزد (من) لأَن الْعلم هاهنا هو الْحكم الْعربىّ أَى الْقرآن، وكان بعضاً من الأَوّل، ولم يزد فيه (من) لأَنه غير موقَّت. وقريب من معنى الْقبلة ما فى آل عمران ﴿مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم﴾ فلهذا جاءَ بلفظ (ما) وزيد فيه (من).
قوله: ﴿واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً﴾ هذه الآية والَّتى قبلها متكررتان. وإِنما كُرِّرتا لأَن كل واحدة منهما صادفت معصية تقتضى تنبيهاً ووعظاً؛ لأَن كلّ واحدة منهما وقعت فى غير وقت الأُخرى.
قوله ﴿رَبِّ اجعل هاذا بَلَداً آمِناً﴾ وفى إِبراهيم ﴿هاذا البلد آمِناً﴾ لأَن (هذا) إِشارة إِلى المذكور فى قوله ﴿بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ قبل بناء الكعبة، وفى إِبراهيم إِشارة إلى البلد بعد البناء. فيكون (بلداً) فى هذه السُّورة المفعول الثانى (و (آمِنا) صفة؛ و (البلد) فى إِبراهيم المفعول الأَول


الصفحة التالية
Icon