قال تاج القراء: وله وجهان [آخران] محتملان. أَحدهما: كدأب آل فرعون فيما فعلوا، والثانى: كدأب فرعون فيما فُعِل بهم. فهم فاعلون فى الأَوّل، ومفعولون فى الثَّانى. والوجه الآخر: أَنَّ المراد بالأَوّل كفرهم بالله، وبالثَّانى تكذيبهم بالأَنبياءِ؛ لأَنَّ تقدير الآية: كذَّبوا الرّسل بردّهم آيات الله. وله وجه آخر. وهو أَن يجعل الضَّمير فى (كفروا) لكفَّار قريش على تقدير: كفروا بآيات ربّهم كدأْب آل فرعون والذين من قبلهم، وكذلك الثانى: كذَّبوا بآيات ربهم كدأب آل فرعون.
قوله: ﴿الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله﴾ هنا بتقديم أَموالهم وأَنفسهم وفى براءَة بتقديم ﴿فِي سَبِيْلِ اللهِ﴾ لأَنَّ فى هذه السّورة تقدّم ذكرُ المال والفداءِ والغنيمة فى قوله: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدنيا﴾ و ﴿لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ الله سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ﴾ أَى من الفداءِ، ﴿فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ﴾ فقدّم ذكر المال، وفى براءَة تقدّم ذكر الجهاد، وهو قوله: ﴿وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ﴾ وقوله: ﴿كَمَنْ آمَنَ بالله واليوم الآخر وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ الله﴾ فقدّم ذكر الجهاد، وذكر هذه الآى فى هذه السّورة ثلاث مرّات. فأَورد فى الأُولى ﴿بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللهِ﴾ وحذف من الثانية ﴿بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ اكتفاءً