لأَنَّه ذكر البداية فى أَوّل الآية وهو ﴿وَمَا تفرقوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم﴾ وهو مبدأُ كفرهم، فحسن ذكر النَّهاية الَّتى أُمهِلوا إِليها؛ ليكون محدوداً من الطَّرفين.
قوله: ﴿وَإِن مَّسَّهُ الشر [فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ﴾ وبعده: ﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشر] فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ﴾ لا منافاة بينهما؛ لأَنَّ معناه: قَنُوط من الصّنم، دَعَّاء لله. وقيل: يئوس قَنُوط بالقلب دَعَّاء باللِّسان. وقيل: الأَوّل فى قوم والثَّانى فى آخرين. وقيل الدُّعاءُ مذكور فى الآيتين، وهو ﴿لاَّ يَسْأَمُ الإنسان مِن دُعَآءِ الخير﴾ فى الأَوّل، و ﴿ذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ﴾ فى الثَّانى.
قوله: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ﴾ [بزيادة مِن] وفى هود: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ﴾، لأَنَّ فى هذه السّورة بيّن جهة الرّحمة، وبالكلام حاجة إِلى ذكرها وحَذَف فى هود؛ اكتفاءً بما قبله، وهو قوله: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِّنَّا رَحْمَةً﴾، وزاد فى هذه السّورة (من) لأَنه لمّا حدّ الرّحمة والجهة الواقعة منها، حَدَّ الطَّرف الَّذى بعدها فتشاكلا فى التحقيق. وفى هود لمّا أَهمل الأَوّل أَهمل الثَّانى.
قوله: ﴿أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ﴾ وفى الأَحقاف ﴿وَكَفَرْتُمْ بِهِ﴾ بالواو؛ لأَنَّ معناه فى هذه السّورة: كان عاقبة أَمركم بعد الإِمهال للنَّظر والتدبّر الكفر، فحسن دخول ثُمّ، وفى الأَحقاف


الصفحة التالية
Icon