هذا يصحّ إِطلاق القول على القرآن، فإِنه يتضمَّن التَّهذيب والترتيب، لفظه مسموع، ومعناه مفهوم.
وأَمَّا الكِتَاب فيكون اسماً - وجمعه كُتُب -، ويكون مصدراً بمعنى الكتابة، فسُمِّى به الْقرآن، لأَنه يُكتب، كما سمِّى الإِمام إِمامَا لأَنَّه يؤتمّ به. ويقال: إِن مادَّة كتب موضوعة بمعنى الْجمع: كتبتُ الْبلغةَ إِذا جمعت بين شُفريها بحلْقة. ويقال للعسكر: الْكتيبة لاجتماع الأَبطال. فسُمِّى الْقرآن كتاباً لأَنه مجتمع الْحروف والْكلمات والسُّوَرِ والآيات. فسيأْتى شرحه فى باب الْكاف.
وأَمَّا الْفُرقان فاسم على زنة فُعْلان مشتقٌّ من الْفَرْق، وهو الْفصل. والفُرق بالضمّ لغة فيه، قال الراجز: ومُشْرِكيٍّ كافر بالْفُرْق والْفِرق بالكسر: قَطيع من الغنم يتفرَّق من سائرها، وسمِّى الْقرآن فرقاناً لأَنه نزل من السماءِ نجوماً متفرِّقة، ولأَنَّه يَفرق بين الْحقّ والْباطل. وقد يكون الفرقان بمعنى النُّصْرة، قال تعالى: ﴿يَوْمَ الفرقان يَوْمَ التقى الجمعان﴾ أَى يوم النُصرة. فقيل للقرآن: فرقان لما فيه من نُصرة الدِّين وأَهله. وقد يكون الفرقان بمعنى الخروج من الشكِّ والشُّبهة، قال تعالى: ﴿إِن تَتَّقُواْ الله يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً﴾ فالقرآن فرقان بمعنى أَنَّه تقوية وهداية، يحصل به الخروج من ظلمات الضَّلالات، والشكوك، والشبهات.