والثانى: التوبة من ذنب يكون بين العبد وبين طاعة الرّب. وهذا يكون بجبْر النقصان الواقع فيها.
الثالث: التوبة من ذنب يكون بين العبد وبين الخَلْق. وهذه تكون بإِرضاءِ الخصوم بأَىّ وجه أَمكن.
وأَمّا درجات اللطف فالأُولى: أَنَّ الله أَمر الخَلْق بالتَّوبة، وأَشار بأَيُّها الَّتى تليق بحال المؤمن ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤمِنُونَ﴾.
الثانية: لا تكون التَّوبة مثمِرة حتى يتمّ أَمرها ﴿توبوا إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحاً﴾.
الثالثة: لا تنظر أَنَّك فريد فى طريق التَّوبة؛ فإِنَّ أَباك آدم كان مقدّم التَّائبين: ﴿فتلقىءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾، والكليم موسى لم يكن له لمّا عَلاَ على الطُّور تحفة غير التَّوبة ﴿سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ﴾.
ثمّ إِنَّه بشَّر النَّاس بالتَّمتع من الأَعمار، واستحقاق فضل الرّءُوف الغفَّار: ﴿ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً﴾. وأَشار صالح على قومه بالتَّوبة، وبشَّرهم بالقُرْبة والإِجابة: ﴿ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾. وسيّد المرسلين مع الأَنصار والمهاجرين سلكوا طريق الناس: ﴿لَقَدْ تَابَ الله على النبي والمهاجرين﴾. والصّدّيق الأَكبر اقتدى فى التَّوبة بسائر النَّبيّين: ﴿تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المسلمين﴾.