والثالث: أَن يريدَ ما لا يَحْسُنُ فعلُه ويتفق منه خلافه، فهذا مخطئ فى الإِرادة ومُصيبٌ فى الفعل، فهو مذموم لقَصْدِه، غير محمود بفعله. وهذا المعنى هو الذى أراد الشاعر بقوله:
أَردت مساتى فاجتررتَ مسرَّتى | وقد يُحسن الإِنسان من حيث لا يدرى |
وقوله تعالى: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خطيائته﴾ فالخطيئة والسيّئة يتقاربان، لكن الخطيئة أَكثر ما يقال فيما لا يكون مقصوداً إِليه فى نفسه، بل يكون القصد شيئاً يولِّد ذلك الفعل، كمن يرمى صيداً فأَصاب إِنساناً، أَو شرب مسكراً فجنى جناية فى سكره. ثمّ السّبب سببان: سبب محظورٌ فعله كشرب المسكر، وما يتولَّد من الخطإِ عنه غير مُتجافىً عنه؛ [وسبب غير محظور، كرمى الصيد. والخطأ الحاصل عنه متجافىً عنه]. قال تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ ولاكن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ وقوله: ﴿وَمَن يَكْسِبْ خطيائة أَوْ إِثْماً﴾ فالخطيئة (هى التى) لا تكون عن قصد إِلى فعله،