وهذا الوجه أَولَى من قول من قال: أَراد ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ يعنى الله تعالى، فإِنَّ (ما) لا يعبَّر به عن الله تعالى؛ إِذ هو موضوع للجنس ولم يَرِدْ به سَمْع يصحّ.
وقوله: ﴿الذي خَلَقَ فسوى﴾ فالفعل منسوب إِلى الله تعالى. وقوله تعالى: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾، فتسويتها تتضمّن بناءها وتزيينها المذكور فى قوله تعالى: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السمآء الدنيا﴾.
والسّوىّ يقال فيما يُصان عن الإِفراط والتَّفريط، من حيث العددُ والكيفيّة. ورجل سوِىٌّ: استوى أَخلاقُه وخَلِيقته عن الإِفراط والتفريط. وقوله: ﴿قَادِرِينَ على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾، قيل: يجعل كفّه كخُف الجَمَل لا أَصابع له، وقيل: بل يجعل أَصابعه كلها على قَدْر واحد، حتى لا ينتفع بها، وذلك أَنَّ الحكمة فى كون الأَصابع متفاوتة فى القَدْر والهيئة ظاهرة؛ إِذْ كان تعاونها على القبض أَن تكون كذلك.
وقوله: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾ أَى سوّى بلادهم بالأَرض، نحو: ﴿خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا﴾. وقيل: سوّى بلادهم بهم، نحو قوله: ﴿لَوْ تسوى بِهِمُ الأرض﴾، وذلك إِشارة إِلى ما قال عن الكفار: ﴿وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ تُرَاباً﴾.