بصيرة فى الشد والشر
الشَدُّ: العَقْد القوِىّ. شدَدت الشىءَ: قوّيت عَقْده. قال تعالى: ﴿فَشُدُّواْ الوثاق﴾. والشدّة تستعمل فى العَقْد وفى البَدَن وفى قُوَى النَّفْس، قال تعالى: ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى﴾، يعنى جَبرئيل عليه السّلام.
والشديد والمتشدِّد: البخيل. قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ﴾، فالشَّديد يجوز أَن يكون بمعنى مفعول كأَنَّه شُدّ، كما يقال: غُلّ عن الإِفضال، وإِلى هذا ذهب اليهود، قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ اليهود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ﴾. ويجوز أَن يكون بمعنى فاعل كالمتشدّد، كأَنَّه شدّ صُرّته.
وقوله: ﴿حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ فيه تنبيه أَنَّ الإِنسان إِذا بلغ هذا القَدْر يتقوَّى خُلُقه الذى جُبل عليه فلا يكاد يُزايله بعد ذلك. وما أَحسن ما أَشار إِليه الشاعر:
إِذا المرءُ وفَّى الأَربعين ولم يكن | له دون ما يهوَى حَيَاءٌ ولا سِترُ |
فدعْه ولا تَنْفَس عليه الذى مضَى | وإِن جَرَّ أَسبابَ الحياة له الدّهرُ |