وأَمّا الشهيد فقد يقال للشَّاهد، والمشاهِد للشىء. وقوله تعالى: ﴿مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ﴾، أَى مَنْ يشهد له وعليه. وقوله: ﴿أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ﴾، أَى يشهدون ما يسمعونه بقلوبهم، على ضدّ من قيل فيهم: ﴿أولائك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾. وقولُه: ﴿إِنَّ قُرْآنَ الفجر كَانَ مَشْهُوداً﴾، أَى يشهد صاحبَه الشفاءُ والرّحمة والتَّوفيق والسّكينة، والأَرواح المذكورة فى قوله: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَآءٌ﴾.
وقوله: ﴿وادعوا شُهَدَآءَكُم﴾ قد فُسْر بكلّ ما يقتضيه معنى الشهادة. قال ابن عبّاس: معناه: أَعوانكم. وقال مجاهد: الذين يشهدون لكم. وقال بعضهم: الذين يُعتدّ بحضورهم. ولم يكونوا كمن قيل فيهم:

مَخلَّفون ويَقضِى الناس أَمْرَهُمُ وهم بغَيْبٍ وفى عَمياءَ ما شَعَرُوا
وقد حُمل على هذه الوجوه قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً﴾، وقوله: ﴿وكفى بالله شَهِيداً﴾، إِشارة إِلى نحو قوله: ﴿لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾، وقوله: ﴿يَعْلَمُ السر وَأَخْفَى﴾.


الصفحة التالية
Icon