قال: الصّبر عن الله. فصرخ الشِّبلىّ صَرخةً كادت نفسه تتلف.
وقال الجَريرىّ: الصّبر أَلاَّ تفرق بين حال النعمة وحال المحنة، مع سكون الخاطر فيهما. والتصبّر: السّكون مع البلاءِ، مع وِجدان أَثقال المحْنَة.
وقال أَبو على الدّقَّاق: فاز الصّابرون بعز الدّاريَين؛ لأَنهم نالوا مع الله معيَّته؛ فإِنَّ اللهَ مَعَ الصّابرين.
وقيل فى قوله: ﴿اصبروا وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ﴾، انتقال من الأَدنى إِلى الأَعلى. فالصبر دون المصابرة، والمصابرة دون المرابطة: مفاعلة من الرّبط وهو الشدّ. وسمّى المرابِط مرابطًا لأَنَّ المرابِطين يربِطون خيولهم ينتظرون الفَزَع. ثمّ قيل لكلّ منتظر، قد ربط نفسه لطاعة ينتظرها: مرابِط. وقيل فى تفسيره: اصبروا بنفوسكم، وصابروا بقلوبكم على البَلْوَى فى الله، ورابطوا بأَسراركم على الشوق إِلى الله. وقيل: اصبروا فى الله، وصابروا بالله، ورابطوا مع الله لعلكم تفلحون فى دار البقاءِ. فالصبر مع نفسك، والمصابرة بينك وبين عدوّك، والمرابطة: الثبات وإِعداد العدّة؛ كما أَن الرّباط ملازمة الثغر لئلاً يهجُمه العدوّ. فكذلك المرابَطة أَيضًا: لزوم ثَغْر القلب؛ لئلاَّ يهجُم عليه الشيطان فيملكَه. أَو يُخربه أَو يشعِّثه.