فمُدخَل الصّدق ومُخرَج الصّدق أَن يكون دخوله وخروجه حقًّا ثابتًا لله تعالى ومرضاتِه. متَّصلا بالظَّفر ببغيته، وحصول المطلوب، ضِدّ مُخرَج الكذب ومُدخله الَّذى لا غاية له يوصّل إِليها، ولا له ساقٌ ثابتة يقوم عليها؛ كمُخرَج أَعدائه يوم بدر. ومُخرج الصّدق كمخرجه هو وأَصحابه فى ذلك الغَزْو. وكذلك مدخله المدينة كان مدخل صدق بالله والله وابتغاءَ مرضاة الله، فاتَّصل به التَّأْييدُ، والظفر، والنَّصر. وإِدراك ما طلبه فى الدّنيا والآخرة؛ بخلاف مدخل الكذب الذى رام أَعداؤه أَن يدخلوا به المدينة يوم الأَحزاب؛ فإِنَّه لم يكن بالله ولا لله بل محادّة لله وسوله، فلم يتَّصل به إِلاَّ الخِذلانُ والبوار، وكذلك مدخل مَنْ دخل من اليهود والمحاربين لرسول الله ﷺ حِصن بنى قُرَيطة؛ فإِنَّه لمّا كان مدخل كذب أَصابهم منه ما أصابهم. وكلّ مدخل ومخرج كان بالله ولله وصاحبه ضامن على الله، فهو مدخل صدق ومخرج صدق، ولذلك فُسّر مدخل الصّدق ومخرجه بخروجه من مَكة، ودخوله المدينة. ولا ريب أَنَّ هذا على سبيل التَّمثيل؛ فإِنَّ هذا المدخل والمخرج من أَجلّ مداخله ومخارجه صلَّى الله عليه وسلَّم، وإِلاَّ فمداخله ومخارجه كلها مداخل صدق ومخارج صدق. إذ هى بالله، ولله، وبأَمره، ولابتغاءِ مرضاته. وما خرج أَحد من بيته أَو دخل سُوقًا أَو مَدْخلا آخر إِلاَّ بصدق أَو كذِب. فمدخل كلّ أَحد ومخرجه لا يَعْدُو الصّدق والكذب والله المستعان.


الصفحة التالية
Icon