إِذا لم تستطع أَمرًا فَدَعْهُ وجاوِزْه إِلى ما تستطيع
وقوله تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾، أَى هل يقدر. وقرأَ الكسائىّ: (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ) بالتَّاءِ ونصب الباءِ، أَى هل تستدعى إِجابته فى أَن يُنزل علينا مائدة من السّماءِ، أَو هل تستطيع سؤال ربّك، وهو استفعال من قولك: طاع لى يطوع.
وأَصل الاستطاعة الاستطواع. فلمَّا أُسقطت الواو جُعلت الهاءُ بدلاً منها. والمُطَّوِّعَة: الذين يتطوَّعون بالجهاد، قال تعالى: ﴿الذين يَلْمِزُونَ المطوعين﴾، أَى المتطوّعين فأَدغم.
والاستطاعة عند المحققين، اسم للمعانى التى بها يتمكّن الإِنسان ممّا يريده من إِحداث الفعل. وهى أَربعة أَشياء: بِنْية مخصوصة للفاعل، وتصوّر للفعل، ومادّة قابلة للتأثير/ وآلة: إِن كان الفعل آليًّا؛ كالكتابة، فإِنَّ الكاتب يحتاج إِلى هذه الأَربعة فى إِيجاده للكتابة، ولذلك يقال: فلان غير مستطيع للكتابة إِذا فَقَد واحدا من هذه الأَربعة فصاعدًا. ويضادّه العجز، وهو أَلاّ يجد أَحَدَ هذه الأَربعة فصاعدًا. ومتى وجدها فمستطيع مطلقًا، ومتى فقدها فعاجز مطلقًا. ومتى وجد بعضه دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه آخر، ولأَن يوصف بالعجز أَولى. والاستطاعة أَخصّ من القدرة.


الصفحة التالية
Icon