بصيرة فى الرحمة والرحمان والرحيم
الرّحمة: رِقَّةٌ تقتضى الإِحسان للمرحوم وقد تُستعمل تارة فى الرقّة المجرّدة، وتارة فى الإِحسان المجرّد عن الرقَّة، نحو: رحم الله فلانًا. وإِذا وُصف به البارىءُ تعالى فليس يراد به إِلاَّ الإِحسان المجرّد دون الرقَّة. وعلى هذا رُوى أَنَّ الرحمة من الله إِنعام وإِفضال، ومن الآدميِّين. رقَّة وتعطُّف.
وقوله صلىَّ الله [عليه وسلم] مخبرًا عن ربِّه - سبحانه: "لمّا خلق الرّحم قال تعالى: أَنا الرحمان وأَنت الرّحِم، شققت اسمك من اسمى، فمن وصلك وصلتُه، ومن قطعكِ قطعته" ويروى بتتُّه. وذلك إِشارة إِلى ما تقدم، وهو أَنَّ الرَّحمة منطوية على معنيين: الرقة والإِحسان، فركَّب تعالى فى طباع النَّاسِ الرِّقَه، وتفرّد بالإِحسان.
ولا يطلق الرّحمان إِلاَّ على الله تعالى مطلقاً ولا مضافاً، وقولهم: رَحْمان اليمامة لمسيلمة الكذَّاب فبَابٌ مِن تعنُّتهم فى كفرهم. ولا يصحّ الرّحمان إِلاَّ له تعالى؛ إِذ هو الَّذى وَسِعَ كلَّ شىءٍ رحمة وعلماً. والرّحيم يستعمل فى غيره، وهو الَّذى كثرت رحمته. وقيل: الرَّحمان عامّ والرّحيم خاصّ، فالرحمان العاطف بالرِّزق للمؤمنين والكافرين، والرّحيم