قال بعض الحكماءِ: الظُّلْم ثلاثة: ظلم بَيْن الإِنسان وبين الله تعالى، وأَعظمه الكفر، والشِّرْك، والنِّفاق، ولذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، وإِيَّاه قَصَد بقوله: ﴿أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظالمين﴾ والثانى: ظلم بيْنه وبين النَّاس، وإِيّاه قَصَد بقوله: ﴿إِنَّمَا السبيل عَلَى الذين يَظْلِمُونَ الناس﴾. والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، قال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾، وقال: ﴿وَلاَ تَقْرَبَا هاذه الشجرة فَتَكُونَا مِنَ الظالمين﴾، أَى من الظالمين أَنفسهم، وقال لنبيّه: ﴿فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظالمين﴾. وكلّ هذه الأَقسام فى الحقيقة ظلم للنفس؛ فإِنَّ الإِنسان أَوّل ما يهُمّ بالظلم فقد ظلم نفسه. فإِذًا الظالمُ أَبدا مُبتدىء بنفسه فى الظلم، فلهذا قال تعالى فى غير موضع: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ الله ولاكن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
وقوله: ﴿وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾، قيل: هو الشرك، بدلالة أَنَّه لمّا نزلت هذه الآية شقَّ على أَصحاب النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال لهم النبىّ صلَّى الله عليه وسلم: "أَلم تَرَوْا إِلى قوله: ﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ "؟!