وقال تعالى عن يوسف عليه السّلام: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانِ﴾، ﴿وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجعلوا بِضَاعَتَهُمْ﴾.
فاسم / الفتى لا يُشعر بمدح ولا ذمّ كاسم الشابِّ والحَدَث. ولذلك لم يجئ لفظ الفتوّة فى الكتاب والسنَّة ولا فى كلام السّلف، وإِنما استعمله مَنْ بعدهم فى مكارم الأَخلاق. قيل: أَقدمُ من تكلَّم فى الفتوّة جعفر الصّادق، ثمّ الفُضَيل بن عِياض، والإِمام أَحمد، وسهل بن عبد الله التُسْتَرىّ، والجُنَيْد، ثم طائفة. سئل جعفر عنها وقال للسّائل ما تقول؟ قال. إِن أُعطيت شكرت، وإِن مُنِعت صبرت. فقال: الكلاب عندنا كذلك. فقال: يا ابن رسول الله فما الفتوّة عندكم؟ قال: إِن أُعطينا آثرنا، وإِن مُنِعنا شكرنا. وقال الفضيل: الفتوّة: الصّفح عن عَثَرَات الإِخوان. وسئل الإِمام أَحمد عن الفتوّة، فقال، ترك ما تهوَى لما تخشى. وسئل الجنيد عنها فقال: أَلاَّ تنافِر فقيراً، ولا تعارض غنيًّا. وقال الحارث المحاسبىّ: الفتوة أَن تُنْصف ولا تَنْتصف. وقال عمرو ابن عثمان المكىّ: الفتوة حُسْن الخلق. وقال محمّد بن على الترمذىّ: الفتوة أَن تكون خصيماً لربّك على نفسك. وقيل: الفتوة أَلاَّ ترى لنفسك فضلاً على غيرك. وقال الدقَّاق: هذا الخُلُق لا يكون كمالُه إِلاَّ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فإِنَّ كلَّ أَحد يقول يوم القيامة: نفسى نفسى، وهو يقول: أُمّتى أُمّتى. وقيل الفتوّة: كسر الصّنم الذى بينك وبين الله وهو نفسك؛ فإِنَّ الله تعالى حكى عن قصة