الفرقة الأُولى من الفضل مالا يعلمه إِلا الله. فهم بين النَّاس بأَبدانهم، ومع الرفيق الأَعلى بقلوبهم، فإِذا قُبِضوا انتقلت أَرواحهم إِلى تلك الحضرة؛ فإِن المَرْءَ مع من أَحبّ. وما أَحسن قول القائل

ووراءَ هاتيك الستور محجَّب بالحُسن كلُّ العزِّ تحت لوائه
لو أَبصرت عيناك بعضَ جماله لبذلت منك الروح فى إِرضائه
ما طابت الدنيا بغير حديثه كلاَّ ولا الأخرى بدون لقائه
يا خاسراً هانت عليه نفسُه إِذْ باعها بالغَبْن من أَعدائه
لو كنت تعلم قدر ما قد بعته لفسخت ذاك البيع قبل وفائه
أَو كنت كفؤا للرشاد وللهدى أَبصرت لكن لست من أَكفائه
وفرقة ثالثة قبضهم إِليه فصَافاهم مصَافاة ستر وفيض ومدد عليهم وهذه الفرقة أَعلى من الفرقتين المتقدِّمتين، لأَن الحق سبحانه قد سترهم عن نفوسهم، وشغلهم به عنهم، فهم فى أَعلى الأَحوال والمقامات، ولا التفات لهم إِليها. فهؤلاءِ قلوبهم معه سبحانه لا مع سواه، بل هم مع السِّوَى بالمجاورَة والامتحان، لا بالمساكنة والأُلفة، وقد سترهم وليّهم وحبيبهم عنهم، وأَخذهم إِليه منهم والله أَعلم.


الصفحة التالية
Icon