والسلام: "فَزَع ربّكم من الخَلق والخُلُق والأَجل والرزق"، (ومقدوراً) إِشارة إِلى ما يحدث حالاً فحالاً، وهو المشار إِليه بقوله: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾، وعلى ذلك قوله: ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾.
وقوله: ﴿عَلَى الموسع قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر قَدَرُهُ﴾ أَى ما يليق بحاله مقدورًا عليه. وقوله: ﴿والذي قَدَّرَ فهدى﴾، أَى أَعطى كلّ شىءٍ ما فيه مصلحة، وهداه لما فيه خلاص، إِمّا بالتسخير وإِمّا بالتعليم؛ كما قال: ﴿أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى﴾.
والتقدير من الإِنسان على وجهين: أَحدهما: التفكّر فى الأَمر بحسب نظر العقل، وبناءُ الأَمر عليه، وذلك محمود. والثَّانى: أَن يكون بحسب التمنىِّ والشهوة، وذلك مذموم، كقوله: ﴿فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾. وتستعار القُدرة والمقدور للحال والسّعة والمال.
والقَدَر: وقت الشىءِ المقدَّرُ له، والمكان المقدّر له. وقوله: ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ أَى بقدر المكان [المقدّر] لأَن يسعها؛ وقرئ (بِقَدْرِهَا) أَى تقديرها. وقوله: ﴿وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾، أَى معيّنين لوقت قدَّروه. وكذلك قوله: ﴿فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾.


الصفحة التالية
Icon