قوله: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِي الكبر﴾. ومنه ما اعتبر فيه المنزلة والرفعة، نحو قوله: ﴿أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً﴾، وقوله: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ﴾ فسمَّاه كبيرًا بحسب اعتقادهم فيه لا لقدْر ورفعة حقيقيَّة، وقوله: ﴿أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا﴾ أَى رؤساءَها، ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ﴾ أَى رئيسكم. ومن هذا النَّحو: ورِثه كابرًا من كابرٍ، أَى إِنه عظيم القدر عن أَب مثله.
والكبيرة متعارفة فى كل ذنب تعظُم عقوبته، والجمع: الكبائر. وقوله: ﴿الذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم﴾، وقوله: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ﴾، قيل: أَريد بهما الشِّرك لقوله: ﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، وقيل: هى الشرك وسائر المعاصى الموبِقة كالزنى وقتل النَّفس المحرَّمة. وقيل: هى السَّبع المنصوص عليها فى الحديث. وقيل: هى المذكورات فى أَوّل سورة النِّساءِ إِلى قوله: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ﴾ الآية. وقيل: الكبائر سبعون، وقيل: سبعمائة. وقيل: كلُّ ذنب ومَعْصِية لله عزَّ وجل كبيرة، ولا صغائر فى الذنوب حقيقة، وإِنَّما يقال لبعضها صغائر بالنِّسبة إِلى ما هى أَعظم وأَكثر منها.