الأَحوال العامة سميت ظرفا لأَنها فى تأْويل الجارّ والمجرور واسم الظرف يطلق عليهما مجازا.
ومن زعم أَنها تأْتى عاطفة محتجَّا بقول القائل:

إِذا قلَّ مال المرءِ لانَتْ قناتُه وهان على الأَدنَى فكيف الأَباعدِ
خُطِّئ فى زعمه. ودخول الفاء عليها يزيد خطأه وضوحا.
وفى الارتشاف: كيف تكون استفهاما، وهى لتعميم الأَحوال. وإِذا تعلَّقت بجملتين فقالوا: تكون للمجازاة من حيث المعنى لا من حيث العمل. وقَصُرت عن أَدوات الشرط بكونها لا يكون الفعلان معها إِلاَّ متَّفقين؛ نحو كيف تجلس أَجلس. وسيبويه يقول: يجازى بكيف، والخليل يقول: الجزاء به مستكره. انتهى.
وأَما قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ / فهو توكيد لما تقدم، وتحقيق لما بعده، على تأويل أَن الله لا يظلم مثقال ذرّة فى الدنيا فكيف فى الآخرة. وإِذا ضممت إِليه ما صحّ أَن يجازى به تقول: كيف ما تفعل أَفعل.
وقال الفرَّاءُ: كيف لى بفلان؟ فتقول: كلّ الكيفِ والكيفَ، بالجرّ والنصب.
وكل ما أَخبر الله تعالى بلفظ (كيف) عن نفسه فهو استخبار على طريق التنبيه للمخاطب، وتوبيخٌ كما تقدم فى الآية.


الصفحة التالية
Icon