نَجَّاهُمْ إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ}، ودليل الرابع: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الروع وَجَآءَتْهُ البشرى يُجَادِلُنَا﴾، وهو مؤوّل بجادَلنا.
وقيل فى آية الفاء: إِن الجواب محذوف، أَى انقسموا قسمين. فمنهم مقتصد، وفى آية المضارع: إِن الجواب ﴿جَآءَتْهُ البشرى﴾ على زيادة الواو، أَو الجواب محذوف، أَى أَقبل يجادلنا.
الثالث: يكون حرف استثناء، فيدخل على الجملة الاسميّة، نحو: ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ فيمن شدَّد الميم؛ وعلى الماضى لفظاً لا معنًى، نحو / أَنْشُدُك اللهَ لَمَّا فعلتَ، أَى ما أَسأَلك إِلاَّ فِعْلك، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ قال الفرّاءُ: لَمَّا وُضعت فى معنى إِلاَّ، فكأَنها لَمْ ضمّت إِليها ما وصارا جميعا حرفا واحدا، وخرجا من حدّ الجحد. قال الأَزهرى: ومما يدلّ على أَنَّ لَمَّا يكون بمعنى إِلاَّ مع إِنْ التى تكون جحدا قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرسل﴾ وهى قراءَة قرّاء الأَنصار، وقال الفرَّاءُ: وهى فى قراءَة عبد الله (إِنْ كُلّهم لَمَّا كَذَّب الرسل)، والمعنى واحد.
وتكون لمّا مركَّبة من كلمات ومن كلمتين.
فأَمَّا المركَّبة من كلمات فكما فى: ﴿وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ﴾ فى قراءَة ابن عامر وحمزة وحفص بتشديد نون (إِن) وميم (لمَّا) فيمن قال: الأَصل: لَمِنْ مَا، فأَبدلت النون ميماً، وأُدغمت، فلمَّا كثرت الميمات حُذفت الأُولى. وهذا القول ضعيف؛ لأَن حذف هذه الميم استثقالا لم يثبت.