وقال الفقهاءُ: هى استعمال مَا يجمِّل العبدَ ويزينه، وترك ما يدنِّسه ويشينه. وقيل: المروءَة: استعمال كل خُلُق حَسن، واجتناب كل خُلُق قبيح. وقيل: حقيقتها: تجنُّب الدنايا والرذائل من الأَقوال والأَخلاق والأَعمال؛ فمروءَة اللسان: حلاوته وطِيبه ولينه، وإِجتناءُ الثمار منه بسهولة ويسر؛ ومروءَة الخُلُق: سعته وبسطهُ وتركُه للخبيث والبغيض، ومروءَة المال: الإِصابة بصرفه فى مواقعه المحمودة عقلا وعُرفاً وشرعاً؛ ومروءَة الجاه بذله للمحتاج إِليه؛ ومروءَة الإِحسان: تعجيله وتيسيره وتوفيره وعدم رؤيته حال وقوعه، فهذه مروءَة البذل.
وأَمَّا مروءَة الترك، فكترك الخصام والمعاتبة والمطالبة والمماراة، والإِغضاءُ عن عَثَرات الناس، وإِشعارهم أَنك لا تعلم لأَحد منهم عثرة.
وهى على ثلاث درجات:
الأُولى: مروءَة المرءِ مع نفسه: أَن يحملها سرًّا على ما يُجَمِّل ويَزِين، وترك ما يدنِّس ويَشين؛ ليصير لها مَلكة فى العلانية، فمن اعتاد شيئاً فى سرّه وخلوته صار مَلَكة فى علانيته وجهره، فلا يكشف عورته فى الخلوة، ولا يُخرج الريح بصوت وهو، يقدر على خلافه، ولا يَنْهَم عند أَكله وحده، / وبالجملة فلا يفعل فى الخلوة ما يستحيى من فعله فى الملأ، إِلاَّ مالا يَحْظُره الشرع والعقل ولا يكون إِلاَّ فى الخلوة؛ كالجماع والتخلىِّ ونحوه.


الصفحة التالية
Icon