بصيرة فى موت
الموت أَنواع، كما أَنَّ الحياة أَنواع.
فمن الموت ما هو بإِزاءِ القوّة النَّامية الموجودة فى الإِنسان والحيوان والنبات، نحو قوله تعالى: ﴿لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً﴾، لم يقل: مَيْتَة لأَنَّ المَيْتَ يستوى فيه المذكَّر والمؤَنث.
وموتٌ هو زوال القوّة الحسّاسة، قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الإنسان أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً﴾.
وموت هو زوال القوّة العاقلة، وهى الجهالة، قال تعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ﴾، وإِيّاه قَصَد بقوله: ﴿إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى﴾.
وموت بالتشّبه، وهو كل أَمر جليل يكدّر العيش وينقص الحياة. وإيّاه قَصَدَ بقوله: ﴿وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾.
ومنها النوم؛ كما يقال: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل، وعلى هذا النحو سمّاه الله توفِّيا، قال الله تعالى: ﴿الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾، وقد مات يموت ويَمَات أَيضاً. وأَكثر من يتكلَّم بها طيِّىءٌ. وقد تكلَّم بها سائر العرب، قال:
بُنَيَّتى يا خَيْرة البنات | عيشى ولا تأْمَنُ أَن تماتى |