وظاهرُ اللَّفظ أَنَّه إِذا هُدِىَ اهْتَدَى لإِخْراج الكلام على أَنها أَمْثالُكم كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ وإِنَّما هى مَواتٌ، وقد قال فى موضِع [آخَرَ] :﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ السماوات والأرض شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ﴾.
وقوله: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل﴾، وقوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النجدين﴾، وقوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُمَا الصراط المستقيم﴾ إِشارةٌ إِلى ما عَرَّفَ من طريق الخَيْر والشرّ، وطريقِ الثَّواب والعِقاب، والعَقْل والشَّرْع. وقولُه: ﴿وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ إِشارةٌ إِلى التَّوْفيق المُلْقَى فى الرُّوْع فيما يَتَحرّاه الإِنسانُ، وإِياه عَنَى بقوله: ﴿والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى﴾.
ولما كانت الهِدايةُ والتَّعليم يَقْتَضِى شيئين: تعريفاً من المُعَرِّف وتَعَرُّفاً من المُعَرَّف، وبهما يتمّ الهدايةُ والتَّعلُّم، فإِنَّه متى حَصَل البَذْلُ من الهادى والمعلِّم ولم يَحْصُل القبولُ صَحَّ أَنْ يُقال لم يَهْدِ ولم يُعَلِّم اعتباراً بعدَم القَبُول، وصَحَّ أَنْ يقال: هَدَى وعَلَّم اعتباراً بَبذْلِه، فإِذا كان كذلك صحّ أَن يُقالَ إِنَّ الله لمِ يَهْدِ الكافرين والفاسقين من حيثُ إِنَّه لم يَحْصُل القَبولُ الَّذى هو تَمامُ الهِداية والتَّعلِيم. وصحّ أَنْ يُقال قد هَداهم وعَلَّمَهُم من حيث إِنَّه حَصَل البَذْلُ الذى هو مَبْدأُ الهِداية، فعلى الاعتبار الأَوّل يصحّ أَن يُحْمَلَ قولُه: والله لا يهدى القومَ