البدن، والمُنَاكَحَةُ. وذلك لبقاء النسل، فقد خُلِقَ الغذاءُ سبباً للحياة، وخُلق الإِناث محلاً للحراثة، إلا أنه ليس يختص المأكول والمنكوح ببعض الآكلين بحكم الفطرة، ولو تُرِكَ الأمر فيه مُهْمَلاً من غير تعريفِ قانونٍ في الاختصاصات لتَهاوَنوا وتقاتلوا، وشَغَلَهُم ذلك عن سلوك الطريق، بل أفضَى بهم إلى الهلاك. فَشَرَحَ القرآنُ قانونَ الاختصاص بالأموال في آياتِ المُبَايَعات والرِّبوِيَّات، والمُدايَنات، وقَسْمِ المواريث، ومَواجِب النفقات، وقسمةِ الغنائمِ والصدقات، والمُنَاكَحات، والعِتْقِ والكتابةِ والاسْتِرقَاقِ والسَّبي. وعرَّفَ كيفيةَ ذلك التخصيص عند الاتِّهام بالإقرارِيَّات وبالأيمان والشهادات. وأما الاختصاص بالإناث فقد بَيَّنَتْه آياتُ النكاح والطلاق والرجعة والعدة، والخُلعِ والصداقِ والإيلاءِ والظهارِ واللِّعان، وآياتُ مُحَرَّماتِ النَّسَبِ والرَّضاع والمُصَاهَرات.
وأما أسبابُ الدفع لمُفسِداتهما: فهي العقوبات الزاجرة عنها، كقتالِ الكفار وأهل البَغْي والحثِّ عليه، والحدودُ والغراماتُ والتَّعزيرات، والكفاراتُ والدِّيَاتُ والقِصاص.
أما القصاصُ والدِّيَات فدفعاً للسَّعي في إهلاك الأنفس والأطراف؛ وأما حَدُّ السرقة وقطع الطريق فدفعاً لما يَستهلِكُ الأموالَ التي هي أسباب المعاش؛ وأما حَدُّ الزِّنا واللِّواطِ والقَذْفِ فدفعاً لما يُشَوِّش أمرَ النسل والأنساب، ويُفسد طريق التَّحارُث والتَّناسل؛ وأما جهاد الكفار وقِتالهم فدفعاً لما يَعرِض من الجاحدين للحق من تشويش أسباب المعيشة والدِّيانة اللتين بهما الوصول إلى الله تعالى؛ وأما قتال


الصفحة التالية
Icon