لابد من نظرتين إلى الكلمة:
ولابد للمفسر العادل أن ينظر إلى شرح الغريب نظرتين ويزنه وزنا علمياً مرتين، مرة في استعمالات العرب حتى يعرف أي وجه من وجوهها أقوى وأرجح، ومرة ثانية في مناسبة السابق واللاحق بعد إحكام مقدمات هذا العلم وتتبع موارد الاستعمال والفحص عن الآثار حتى يعلم أي صورة من صورها أولى وأنسب.
وقد استنبط الفقير في هذا الباب استنباطات لطيفة جديدة، لا تخفي لطافتها ودقتها إلى على قليل الإنصاف غليظ الطبع، فمثلا، قوله - تعالى -:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ حملته على معنى تكافؤ القتلى وتساويهم، ومشاركتهم بعضهم مع بعض في حكم واحد، حتى لا يضطر في تفسير قوله - تعالى - ﴿الْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ إلى القول بالنسخ، ولا يحتاج إلى إيراد توجيهات، تضمحل وتسقط بأدنى نظرة وتفكير.
وكذلك حملت قوله - تعالى -: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾ على يسألونك عن الأشهر، أي أشهر الحج. فقال: ﴿هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾.
وهكذا قوله - عز وجل -: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾ فالمراد به: لأول جمع الجنود،


الصفحة التالية
Icon