سورة لقمان:
أقول: ظهر لى في اتصالها بما قبلها مع المؤاخاة في الافتتاح بـ ﴿الم﴾ : أن قوله تعالى هنا: ﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ "٣، ٤" متعلق بقوله في آخر سورة الروم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ﴾ "الروم: ٥٦" الآية، فهذا عين إيقانهم بالآخرة، وهم المحسنون الموقنون بما ذكر١.
وأيضًا ففي كلتا السورتين جملة من الآيات٢ وبدء الخلق٣.
وذكر في الروم: ﴿فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ "الروم: ١٥"، وقد فسر بالسماع٤، وفي لقمان: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ "٦" وقد فُسر بالغناء وآلات الملاهي٥.

١ نظم الدرر في تناسق الآيات والسور "٦/ ٣" وما بعدها.
٢ في المطبوعة: "الأديان" تحريف، والمثبت من "ظ".
٣ ذكرت جملة الأديان في سورة الروم في قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ "الروم: ٩، ١٠"، وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ "الروم: ٣٢"، وبدء الخلق في قوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ "الروم: ٢٠" الآية، وما بعدها.
وذكرت جملة الأديان في لقمان في قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ "لقمان: ٦" الآية، وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾ "لقمان: ٢٠" وما بعدها، وبدء الخلق في قوله: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ "لقمان: ١٠"، وقوله: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ "لقمان: ٢٨" الآية.
٤ هو قول يحيى بن أبي كثير. انظر: "تفسير ابن كثير ٦/ ٣١٣".
٥ هو قول ابن مسعود سمعه منه أبو الصهباء البكري "تفسير الطبري ٢١/ ٣٩"، وهو قول ابن عباس وجابر -رضي الله عنهم- وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، ومكحول، والحسن، وانظر: "صحيح الترمذي ٤/ ٥٠٢، ٥٠٣ بتحفة الأحوذي".


الصفحة التالية
Icon