عظمة القرآن ووَحْدَتُه الموضوعية:
بقلم: عبد القادر أحمد عطا
قالت الجن حينما سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ ١، واهتزت عقيدة الشرك في قلب رجل من صناديد الكفر هو الوليد بن المغيرة حينما سمع بعض آياته من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما هو بقول البشر"، وفزع أئمة الكفر من قريش حينما شاهدوا تأثير القرآن على القلوب، فقالوا لزعمائهم: ﴿لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ ٢، وسعى أهل النباهة من فتيان العرب -من أمثال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا رسول الله، علمني من هذا القرآن" حينما استأسر قلبه لسلطانه، واستشرف على عتبات الإسلام.
تلك واحدة من دلائل عظمة القرآن هي: سلطانه الروحاني الخفي على القلوب، وولايته المطلقة على مدارك الإنس والجن على السواء، وجاذبيته المضيئة لقلوب المهتدين والجاحدين جميعًا.
وقد يكون لبعض المكتوبات البشرية سلطان على المشاعر، وجاذبية للنفوس؛ ولكنها لم تصل في ماضي الزمان، ولن تصل في مستقبله إلى أعماق الروح، ولا إلى مستقر الإيمان واليقين، ولا إلى قمة التضحية في سبيلها بالمال والنفس، كما وصل الرواد الأوائل للإسلام إيمانًا بالقرأن، ويقينًا بسلطانه، واستشهادًا في سبيل دعوته، واحتمالًا لما لا يطيقه بشر في سبيل إعلاء كلمته.
تلك دلالة لا شك فيها من دلائل عظمة القرآن بالنسبة للمؤمنين،

١ سورة الجن، الآيتان: ١، ٢.
٢ سورة فصلت، الآية: ٢٦.


الصفحة التالية
Icon