سورة الجمعة:
أقول: ظهر لي في وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما ذكر في سورة الصف حال موسى مع قومه، وأذاهم له، ناعيًا عليهم ذلك١، وذكر في هذه السورة حال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفضل أمته؛ تشريفًا لهم؛ ليظهر فضل ما بين الأمتين؛ ولذا لم يعرض فيها لذكر اليهود.
وأيضًا لما ذكر٢ هناك قول عيسى: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ "الصف: ٦"، قال هنا: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ "٢" إشارة إلى أنه الذي بشر به عيسى، وهذا وجه حسن في الربط.
وأيضًا لما ختم تلك السورة بالأمر بالجهاد وسماه تجارة، ختم هذه بالأمر بالجمعة، وأخبر أنها خير من التجارة الدنيوية.
وأيضًا فتلك سورة الصف، والصفوف تشرع في موضعين: القتال، والصلاة، فناسب تعقيب سورة صف القتال بسورة صلاة تستلزم الصف ضرورة، وهي الجمعة؛ لأن الجماعة شرط فيها دون سائر الصلوات.
فهذه وجوه أربعة فتح الله بها.
٢ في "ظ": "حكى".