سورة المراسلات
...
سورة المرسلات:
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما أخبر في خاتمتها أنه ﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ "الإنسان: ٣١"، افتتح هذه بالقسم على أن ما يوعدون واقع، فكان ذلك تحقيقًا لما وعد به هناك المؤمنين، وأوعد الظالمين.
ثم ذكر وقته وأشراطه بقوله: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ "٨" إلى آخره.
ويحتمل أن تكون الإشارة بما توعدون١ إلى جميع ما تضمنته السورة من وعيد للكافرين، ووعد للأبرار٢.

١ في المطبوعة: "يوعدون"، والمثبت من "ظ".
٢ وهناك مناسبة بين القيامة والإنسان والمرسلات من ناحية خلق الإنسان؛ ففي القيامة قال: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [القيامة: ٣٧-٣٩]، فذكر بداية الخلق، وفي الإنسان تدرج إلى الحديث عن إتمام بناء الإنسان حتى صار شديد الأسر ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُم﴾ "الإنسان: ٢٨" الآية، ولما كانت قوة الإنسان مظنة كبريائه، ذكره في المرسلات بمهانة أصله: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ﴾ "المرسلات: ٢٠".
ومعاني السور الثلاث تدور حول الأصول؛ ولذلك قال في المرسلات: ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ﴾ "المرسلات: ٣٩"؛ إعلامًا بقهره للعباد.
وانظر: نظم الدرر "٨/ ٢٨١" وما بعدها، ومصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور "٣/ ١٤٧".


الصفحة التالية
Icon