الإنسانية في "الناس"، وعند ذلك ختم الكتاب. فسبحان مَن أرشد العقول إلى معرفة هذه الأسرار الشريفة [المودَعة] ١ في كتابه المكرم! هذا كلام الإمام٢.
ثم قال في "الفلق": سمعت بعض العارفين يقول: لما شرح الله سبحانه أمر الإلهية في سورة "الإخلاص"، ذكر هاتين السورتين عقبها في شرح مراتب الخلق على ما قال: ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ ٣.
فعالم الأمر كله خيرات محضة، بريئة عن الشرور والآفات، [و] ٤ أما عالم الخلق فهو الأجسام الكثيفة٥، والجثمانيات٦، فلا جرم قال في المطلع: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ "الفلق: ١، ٢".
ثم [من الظاهر أن] ٧ الأجسام إما أثيرية أو عنصرية، والأجسام٨ كلها خيرات محضة؛ لأنها بريئة عن الاختلال٩ والفطور، على ما قال: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ "تبارك: ٣".
٢ تفسير الرازي "٨/ ٧٠٤".
٣ سورة الأعراف: ٥٤.
٤ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".
٥ الكثيفة: أي الغليظة والثخينة، وكثر مع الالتفاف والتراكب فهو كثيف وكُثاف. انظر: "المعجم الوسيط" "كثف" "٢/ ٨٠٨".
٦ الجثمانيات: الأجسام أو الأشخاص التي لا تميل إلى الحركة. انظر: "المعجم الوسيط" "جثم" "١/ ١١١، ١١٢"، وفي "ظ": الأجسام "الجسمانيات" كذا، والعبارة التي في تفسير الرازي هي: "وإنما سمي عالم الأجسام والجسمانيات بعالم الخلق؛ لأن الخلق هو التقدير والمقدار من لواحق الجسم فيما كان الأمر كذلك" "٨/ ٧٦٢".
٧ ما بين المعقوفين إضافة من تفسير الرازي.
٨ في المطبوعة و"ظ": "أبدية و" تحريف وناقصة، والمثبت من تفسير الرازي.
٩ في المطبوعة: "الاختلافات" تحريف، وفي "ظ": "الاختلالات"، والمثبت من تفسير الرازي.