الغرض ويرجع وهو يقول: لاروع، فتقت١ عن أنواع علومه ولقبتها، وأودعت ما أوعيت منها في دواوين وأعيتها، ونقبت٢ عن معادن معانيه وأبرزتها، وأوقدت عليها نار القريحة وميزتها، وألفت في ذلك جامعًا ومفردًا، ومطنبًا ومقصدًا٣، ومن خلق لشيء فإلى تيسره، ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره.
وإن مما ألفت في تعلقات القرآن كتاب "أسرار التنزيل"٤ الباحث عن أساليبه، المبرز أعاجيبه، المبين لفصاحة ألفاظه وبلاغة تراكيبه، الكاشف عن وجه إعجازه، الداخل إلى حقيقته من مجازه، المطلع على أفانينه، المبدع في تقرير حججه وبراهينه، فإنه اشتمل على بضعة عشر نوعًا:
الأول: بيان مناسبات ترتيب سوره، وحكمة وضع كل سورة منها.
الثاني: بيان أن كل سورة شارحة لما أُجْمِلَ في السورة التي قبلها.
الثالث: وجه اعتلاق فاتحة الكتاب بخاتمة التي قبلها.
الرابع: مناسبة مطلع السورة للمقصد الذى سيقت له، وذلك براعة الاستهلال.
الخامس: مناسبة أوائل السور لأواخرها.
السادس: مناسبات ترتيب آياته، واعتلاق بعضها ببعض، وارتباطها وتلاحمها وتناسقها.
السابع: بيان أساليبه في البلاغة، وتنويع خطاباته وسياقاته.
الثامن: بيان ما اشتمل عليه من المحسنات البديعية على كثرتها،
٢ في "ظ": "وبقرت" وكلاهما سائغ. والبقَّار: الحفار.
٣ مطنبًا من الإطناب؛ وهو التطويل، ومقصدًا من القصد؛ وهو الاختصار.
٤ أو قطف الأزهار في كشف الأسرار، وذكره المؤلف في حسن المحاضرة "١/ ٣٣٩"، وتوجد منه نسخة خطية في برلين "٦/ ٧٢٣" دليل مخطوطات السيوطي "٣٠".