وذهب جماعة إلى الأول؛ منهم: القاضي أبو بكر في أحد قوليه وخلائق، قال أبو بكر بن الأنباري١: أنزل الله القرآن كلَّه إلى سماء الدنيا، ثم فرقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل لأمر ينزل، والآية جوابًا لمستخبر، ويوقف جبريلُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- على موضع الآية والسورة، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله٢ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن٣.
وقال الكرماني في البرهان: ترتيب السور هكذا هو عند الله تعالى في اللوح المحفوظ٤ على هذا الترتيب، وكان يعرض النبي -صلى الله عليه وسلم- على جبريل ما اجتمع لديه منه، وعرضه -صلى الله عليه وسلم- في السنة التى توفي فيها مرتين٥، وكذلك قال الطيبي٦.

١ هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسين بن بيان بن دعامة الإمام أبو بكر بن الأنباري النحوي اللغوي، كان صدوقًا فاضلًا دينًا خيرًا من أهل السنة، توفي سنة ٣٠٤هـ. طبقات النحويين واللغويين "١٧١"، وبغية الوعاة "١/ ٢١٢"، والسير "١٥/ ٢٧٤" وما بعدها.
٢ في المطبوعة: "كان"، والمثبت من "ظ"، ويؤيده ما في المصادر كما عند الزركشي في البرهان "١/ ٢٦٠"، والسيوطي نقلًا عنه في الإتقان "١/ ٨٢".
٣ الجامع لأحكام القرآن "١/ ٦٠"، وأسرار التَّكْرَار في القرآن ص٢٣، والإتقان "١/ ٢١٧"، والبرهان "١/ ٢٦٠" والنص له، وانظر: المحرر الوجيز "١/ ٥٣"، والانتصار للقرآن للباقلاني "١/ ١٦٨، ١٦٩".
٤ في المطبوعة: "وهو على"، والمثبت يؤيده ما في المصادر، وكذا نسخة "ظ".
٥ الكرماني: محمود بن حمزة بن نصر، وكتابه "البرهان" نشرناه باسم "أسرار التكرار في القرآن" بدار الاعتصام بالقاهرة، انظر: ص٢٣.
٦ الطيبي: بكسر الطاء، الحسن بن محمد بن عبد الله، الإمام المشهور العلامة في المعقول والعربية والمعاني والبيان، كان آية في استخراج الدقائق من القرآن والسنن، مقبلًا على نشر العلم متواضعًا، حسن المعتقد. انظر: "بغية الوعاة" ١/ ٥٢٢، ٥٢٣".


الصفحة التالية
Icon