سورة آل عمران:
قد تقدم ما يؤخذ منه مناسبة وضعها.
وقال الإمام: لما كانت هذه السورة قرينة سورة البقرة، وكالمكملة لها، افتتحت بتقرير ما افتتحت به تلك، وصرح في منطوق مطلعها بما طوي في مفهوم [مطلع] ١ تلك٢.
وأقول: قد ظهر لي بحمد الله وجوه من المناسبات:
أحدها: مراعاة القاعدة التي قررتها، من شرح كل سورة لإجمال ما في السورة قبلها، وذلك هنا في عدة مواضع:
منها: ما أشار إليه الإمام، فإن أول البقرة افتتح بوصف الكتاب بأنه لا ريب فيه. وقال في آل عمران: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ "١٣"، وذلك بسط وإطناب؛ لنفي الريب عنه.
ومنها: أنه ذكر في البقرة إنزال الكتاب مجملًا، وقسَّمه هنا إلى آيات محكمات، ومتشابهات لا يعلم تأويلها إلا الله٣.
ومنها: أنه قال في البقرة: ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ "البقرة: ٤" [مجملًا] ٤، وقال هنا: ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ، مِنْ قَبْلُ هُدًى
٢ مفهوم مطلع البقرة: الدعوة إلى الإيمان بالله في قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ "البقرة: ٣"، وهو مصرح به في مطلع هذه بقوله: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ "٢٢"، وانظر: مفاتيح الغيب "١/ ٣٢٠" وما بعدها.
٣ وذلك قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ "٧" الآية.
٤ ما بين المعقوفين إضافة من "ظ".