سورة الأنعام:
قال بعضهم: مناسبة هذه السورة لآخر المائدة: أنها افتتحت بالحمد، وتلك ختمت بفصل القضاء، وهما متلازمتان كما قال: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ "الزمر: ٧٥".
و [أقول] ١ قد ظهر لي بفضل الله مع ما قدمت الإشارة إليه في آية ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ﴾ ٢: أنه لما ذكر في آخر المائدة: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ﴾ "المائدة: ١٢٠" على سبيل الإجمال، افتتح هذه السورة بشرح ذلك وتفصيله.
فبدأ بذكر: أنه خلق السماوات والأرض، وضم إليه أنه جعل الظلمات والنور، وهو بعض ما تضمنه قوله: ﴿وَمَا فِيهِنَّ﴾ في آخر المائدة، وضمَّن قوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [أول الأنعام] أن له ملك جميع المحامد، وهو من بسط [جميع] ٣: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ﴾ [في آخر المائدة].
ثم ذكر: أنه خلق النوع الإنساني، وقضى له أجلًا مسمى، وجعل له أجلًا آخر للبعث، وأنه منشئ القرون قرنًا بعد قرن، ثم قال: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ﴾ "١٢"، فأثبت له ملك جميع المنظورات، ثم قال: ﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ "١٣"، فأثبت له ملك جميع المظروفات في٤ الزمان، ثم ذكر أنه خلق سائر
٢ سورة آل عمران: ١٤.
٣ ما بين المعقوفين من "ظ".
٤ في المطبوعة: "لظرفي"، والمثبت من "ظ".